«يني شفق» تصعّد: إسرائيل «العدو الأول» في سردية الإعلام الموالي

أضيف بتاريخ 12/25/2025
منصة الخبر

تضع صحيفة «يني شفق» التركية الموالية للحكومة إسرائيل في قلب دائرة الاتهام، معلنة في عنوان بارز على صفحتها الأولى أنّ «إسرائيل هي العدو رقم واحد»، في خطوة تعكس تصعّدًا ملحوظًا في خطاب الإعلام القريب من السلطة في أنقرة تجاه تل أبيب والاصطفافات الجديدة في شرق المتوسط.



تُعدّ «يني شفق» صحيفة يومية تصدر من إسطنبول منذ منتصف التسعينيات، وتنتسب إلى تيار إسلامي‑محافظ يجمع بين المرجعية الدينية والنزعة القومية، مع ارتباط وثيق بحزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان، وهو ما جعلها خلال العقدين الأخيرين إحدى أبرز المنابر الناطقة باسم الخط السياسي الحاكم في الداخل والخارج. ومع انتقال ملكيتها إلى مجموعة «ألبيراك» المقرّبة من الدوائر الإسلامية، ترسّخ توجهها المؤيد للحكومة، وتحوّلت من ساحة شبه تعددية تستضيف أصواتًا مختلفة إلى منصة يغلب عليها الصوت الواحد الداعم لخيارات العدالة والتنمية في قضايا الأمن والسياسة والاقتصاد.

في هذا السياق السياسي والإعلامي، يأتي العنوان الذي يصنّف إسرائيل كـ«العدو رقم واحد» متزامنًا مع توتّر إقليمي على خلفية قمة ثلاثية جمعت إسرائيل واليونان وقبرص، اعتبرت أنقرة أنها تستهدف تحجيم الدور التركي في شرق المتوسط واستبعادها من مشاريع الغاز وخطوط الطاقة البحرية، وهو ما استثمرته الصحيفة لتصوير إسرائيل بوصفها رأس الحربة في تحالف معادٍ لتركيا ومصالحها الاستراتيجية. ويذهب تقرير «يني شفق» إلى أبعد من ذلك، حين يربط بين ما تسميه «الجبهة الإسرائيلية‑اليونانية‑القبرصية» وبين ملفات حساسة لتركيا مثل الوجود العسكري في سوريا، والنزاع مع القوى الكردية، وملف الأمن القومي في بحر إيجة، بما يعيد رسم خريطة «التهديدات» في الخطاب الإعلامي الموالي للحكومة.

من الناحية التحريرية، يحمل هذا الخطاب سمات مألوفة في صحافة الاصطفاف السياسي: استخدام لغة تصعيدية واضحة، وتوسيع تعريف «العدو» ليشمل مجموع تحالفات إقليمية، مع تقديم الأمر كإجماع ضمن «كل مؤسسات الدولة» من الجيش والاستخبارات إلى الخارجية، رغم غياب وثائق رسمية منشورة تؤكد إعادة تصنيف إسرائيل بهذه الصيغة الصارمة في عقيدة الأمن القومي التركي. وتستند الصحيفة كذلك إلى سردية شعبوية تعتبر أن الرأي العام التركي يرى في إسرائيل تهديدًا مباشرًا، مستفيدة من رصيد واسع من التعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية ومن إرث أزمات سابقة مثل حادثة «مرمرة»، لتبرير نبرة العداء المفتوح وتقديمها باعتبارها انعكاسًا «طبيعيًا» لإرادة الشارع التركي.

مهنياً، يطرح نشر مثل هذا العنوان بهذا الجزم تحدّيات أمام الصحافة المستقلة في تركيا وخارجها؛ إذ يُعيد فتح النقاش حول دور وسائل الإعلام الموالية للحكومات في تشكيل الرأي العام تجاه قضايا الأمن القومي، وتحوّلها إلى أدوات تعبئة سياسية أكثر منها منصات معلوماتية، خاصة حين تُستخدم تعابير مطلقة من قبيل «العدو الأول» دون إسناد صريح إلى وثائق رسمية أو تصريحات موثقة من قادة الأجهزة الأمنية. كما يكشف هذا الخطاب عن كيفية توظيف الصراع مع إسرائيل لتغطية أزمات داخلية كالضغوط الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم، عبر نقل مركز الاهتمام الجماهيري إلى تهديد خارجي، بما يمنح السلطة مساحة أوسع لحشد القاعدة المحافظة‑القومية خلف سياساتها في الداخل والخارج.