عندما يُرفع الحاجبان للأعلى

نشر بتاريخ 08/08/2022
الخبر مدونة

كان النفساني رجلًا غير عادي ، بوجه في حالة تأهب دائم لإبراز الدهشة والانفعالات الموازية.  تم تكليفه بالإشراف على نتائج فحوصات الطبيعة وطبقات النفس العميقة بأحد المراكز الكبرى المستحدثة هذا العام لدراسة سيكولوجيا الجماهير المحلية بمراكش.

من عادات النفساني أثناء ممارسته لمهامه المطلوبة أو حتى الشخصية منها، ان يرفع حاجبه الايمن عند كل استعراض لطبائعه او طبقات نفسانيته العميقة لكن مع مرور الايام وتوالي القصص المثيرة التي يطلع عليها بالمركز، والتي تتطلب تدخلا من حاجبه الايمن، أصيب هذا الاخير بإعياء غريب قارب العجز عن الإتيان بالوجه المطلوب إبداؤه. فصار من المنطقي بل الاستعجالي استعانته بالحاجب الأيسر.

بدأ الحاجب الأيسر للنفساني في ممارسة المهام الموكولة إليه فكان يتسلم الطلبات المتأخرة الموجهة قبلا لزميله الأيمن وينفذها على أكمل حاجب، لولا أنه لاحظ تواترا غير عادي في الطلبات الخارجية مضافة للطلبات الخاصة به كمناضل عضوي يساري يطلع على ملفات سيكولوجيا جماهير مدينته.

أجمع باقي أعضاء وجه النفساني على التفاني البطولي للحاجبين في التنسيق وتوزيع المهام دون اضطراب او عطل طبقي. لكن وابل الأحداث اليومي الذي يرصده بالمركز  لم يعرف توقفا ولا ثانية، على إبراق حاجبيه بطلبات لا قبل لهما بها، من : تعجب واندهاش وقلق ورعب وخوف وأمل وتساؤل. وغثيان .. أدت في البداية إلى أعطال متعثرة من حين لآخر، ثم انتهاء بتعذر شبه كامل.

صعد حاجبا النفساني لأقصى هرم سلطة الوجه ورغم المحاولات اليائسة لصاحبنا بالعمل على معاودة هبوط الحاجبين أو أحدهما على أقل تقدير، لم تمهلهم مجريات الايام ومطالبها على عودتهما للطبيعي من عالم الانفعالات ، إذ لم يعد من "شيء طبيعي" في هذا الوجه الذي عوضا عن استقرار حاجبيه صعدتا إلى قمة هرم الوجه في منظر سوريالي غير مسبوق بوجه محترم جدير بالإنفعال.

  وفي قلب تلك الأيام العصيبة جاء زائر غير صبور من العاصمة الرباط للإطلاع على نتائج تقارير المركز المحلي. نظر إلى النفساني باهتمام، لكنه لم يستطع معرفة ما هو عليه.  بدأ الزائر الرباطي في رفع حاجبيه مع كل فحص ، وكأنه يحاول معرفة ما يجري في وجه النفساني عبر الملفات المعروضة.  ثم يبدأ الضيف الفاحص للملفات في الابتسام: لقد فهم أخيرًا من هو هذا الرجل أمامه.

  قال: "أنا أعرفك".  "أنت بامْرّاكشْ".

  فوجئ النفساني بهذا الوحي لكنه لم يعترض بحاجبيه. وإنما أومأ برأسه موافقا.