ظاهرة مقلقة: عندما يتحول انتحال صفة الصحفي إلى الابتزاز المنظم
يعرف المشهد الإعلامي المغربي ظاهرة متنامية تثير القلق، حيث يستغل أشخاص يدّعون العمل الصحفي المناسبات الثقافية والفكرية لممارسة الابتزاز المالي بأساليب منظمة.
في مقال/تحقيق نشره موقع le360.ma، تكشف الكاتبة والباحثة الاجتماعية المغربية سمية نعمان جسوس عن تجربة شخصية عاشتها خلال حفل توقيع كتاب "النجاة: أطفال وشباب الشارع" للكاتب شكيب جسوس في مقر القبة بحديقة الجامعة العربية.
بدأت القصة عندما اقترب منها شخص يحمل ميكروفوناً عليه شعار وكالة المغرب العربي للأنباء (MAP)، لكن سرعان ما اتضح أن الأمر مختلف تماماً. فبمجرد بدء الحديث عن موضوع أطفال الشارع، انحرف الحوار نحو قضايا لا علاقة لها بالموضوع، ليتحول بعدها إلى طلبات متكررة للحصول على المال.
وتصف الكاتبة كيف يعمل هؤلاء المنتحلون: يحضرون المناسبات دون اعتماد رسمي، يلتقطون الصور ومقاطع الفيديو، ويطرحون أسئلة سطحية لإضفاء الشرعية على وجودهم. وما إن ينتهي الحدث، حتى يبدأ مسلسل الابتزاز عبر محاولة بيع الصور والفيديوهات للمشاركين.
يعرف هؤلاء في الوسط الإعلامي المهني بـ"مول البونجة"، نسبة إلى الإسفنجة التي تغطي الميكروفون. ويتميزون بحمل هواتف ذكية أو كاميرات، وميكروفونات تحمل أسماء مواقع إلكترونية وهمية غالباً ما يكونون هم من أنشأوها.
وتطرح الكاتبة إشكالية التعامل مع هذه الظاهرة: هل ينبغي التعاطف معهم باعتبارهم شباباً يبحثون عن مصدر رزق؟ أم يجب التصدي لهذه الممارسات التي تسيء لمهنة الصحافة؟
يذكر أن قانون الصحافة المغربي ينظم المهنة بشكل واضح، حيث يشترط حصول الصحفي على بطاقة مهنية من المجلس الوطني للصحافة. لكن الواقع يكشف عن انتشار البطاقات المزورة، وغياب الرقابة الفعالة في المناسبات العامة.
تختتم الكاتبة تحقيقها بالتساؤل عن مستقبل المهنة في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي سمحت لكل من يملك هاتفاً ذكياً بممارسة العمل الإعلامي، وعن الحدود الفاصلة بين الصحافة المواطنة والممارسات التجارية المسيئة.