شهدت الساحة الإعلامية البريطانية حدثاً نوعياً أثار اهتمام الجمهور وصناع المحتوى على حد سواء، حيث فاجأت قناة "Channel 4" المشاهدين ببث وثائقي بعنوان "Will AI Take My Job?" في إطار برنامجها "Dispatches"، قدمته شخصية تحمل اسم "عائشة غبان" باستخدام صورة وصوت تم توليدهما عبر شبكة عصبونية متطورة. طوال مدة البرنامج التي قاربت الساعة، بدا للمشاهدين أن مقدمة البرامج شابة حقيقية تتجول بين مواقع تصوير واقعية، تناقش آثار الذكاء الاصطناعي على مستقبل المهن والوظائف في مجالات مثل الطب والقانون والأزياء والموسيقى.
لكن مع اقتراب نهاية الوثائقي، أنطلقت جملة غيّرت المشهد بالكامل: اعترفت غبان على الهواء بأنها ليست سوى منتج ذكاء اصطناعي، قائلة: "الذكاء الاصطناعي سيؤثر على حياة الجميع خلال السنوات المقبلة. وفي النهاية، سيجد البعض أنفسهم بلا وظيفة... ربما حتى مقدمو البرامج التلفزيونية مثلي. لأني في الواقع لا أوجد." المهندسون في شركة "Kalel Productions" وبإشراف وكالة Seraphinne Vallora، استخدموا تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء الصوت والصورة والحركات الدقيقة، بينما بقيت أماكن التصوير حقيقية فقط، في حين جرى تركيب الشخصية الرقمية عليها لاحقاً.
تفاعل الجمهور مع العمل بشكل واسع، حيث لم يلاحظ أحد منهم على مدار البرنامج أن المقدمة "افتراضية" وليست بشرية، الأمر الذي شكل "صدمة إعلامية" وسجّل رقماً قياسياً للمشاهدة بين أفضل البرامج في اليوم حسب تقارير الصحافة البريطانية. وأكدت مسؤولة الأخبار في القناة أن التجربة تهدف لإبراز حدود الثقة في الأصوات والصور في عصر الذكاء الاصطناعي، وفتح نقاش معمق حول التحديات الأخلاقية والإعلامية الحديثة. يمثل العمل أول تجربة لظهور شخصية ذكاء اصطناعي كمقدمة برامج على الشاشة البريطانية، مع الالتزام التام بقواعد الشفافية والأخلاقيات الإعلامية في قناة "Channel 4".
وبات الوثائقي متاحاً مجاناً للمشاهدين على منصة القناة الإلكترونية، مع اشتراط وجود عنوان IP بريطاني لمتابعة البث، مما أضاف للحدث هالة من التشويق ونقله من مجرد تجربة فنية إلى قضية نقاش رئيسية حول مصير الوظائف وهويات العاملين في عالم الإعلام أمام اكتساح الذكاء الاصطناعي والأتمتة الرقمية.