كشفت نتائج الاستطلاع الـ27 لانطباعات الرؤساء التنفيذيين، الذي جرى تقديمه اليوم الثلاثاء بالدار البيضاء، عن أن نسبة الرؤساء التنفيذيين المغاربة الواثقين في آفاق نمو شركاتهم بلغت 95 في المائة، وذلك في سياق يتسم بالتضخم والتهديدات السيبرانية.
وأورد الاستطلاع، الذي أجرته شبكة "برايس ووترهاوس كوبرز" (PwC)، وشمل ما يعادل 4.702 مسؤولا، منها ما يناهز 50 رئيسا تنفيذيا من المغرب، أن "التضخم لا يزال مصدر قلق رئيسي بالنسبة لما يعادل 24 في المائة من المسؤولين العالميين و29 في المائة من المسؤولين المغاربة، لكن يبدو أنه مسألة أقل إلحاحا مما كانت عليه في النسخ السابقة من استطلاع الرؤساء التنفيذيين. وكما هو الحال في المغرب، فإن التهديد السيبراني لا يزال في صلب مخاوف المسؤولين العالميين".
ويتضح من نتائج هذا الاستطلاع أيضا أن الرؤساء التنفيذيين الذين تم استجوابهم في إطار هذه الدراسة يحافظون على نظرة متفائلة بشأن آفاق الاقتصاد المغربي، حيث يثق 90 في المائة من الرؤساء التنفيذيين في النمو الاقتصادي بالمغرب خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، في حين يتوقع 10 في المائة فقط تراجعه.
كما كشفت هذه الدراسة، التي تقدم نظرة شاملة حول التحديات والآفاق الحالية والمستقبلية التي قد يواجهها الرؤساء التنفيذيون المغاربة على المدى القصير والمتوسط، أن 46 في المائة من الرؤساء يتوقعون زوال شركاتهم في غضون 10 سنوات، وذلك في حال لم يشهد النموذج التشغيلي أي تغيير ولم يدمج العوامل المستقبلية الدافعة للتحول، على غرار إقامة تعاونات جديدة والنمو الخارجي والتدويل.
وفي معرض حديثه بهذه المناسبة، أشار رضا لوماني، الشريك الإداري الجهوي لمكتب "بي دبليو سي" بالمغرب، إلى أن "الشركات المغربية، على الرغم من أنها تواجه مشهدا اقتصاديا معقدا منذ سنوات، إلا أنها تحافظ على تفاؤلها بشأن آفاق النمو. وهذا بفضل المشاريع الكبرى التي تقودها البلاد على المدى القصير، خاصة في إطار التحضير لاستضافة كأس العالم 2030".
وأضاف أن شركة " برايس ووترهاوس كوبرز المغرب" مقتنعة اقتناعا راسخا بأن المسؤولين المغاربة ملتزمون بمسار هذا التحول المستمر والمستدام، مع اعتماد مقاربة عملية، كما يبرهن على ذلك الموقف الذي يتبناه هؤلاء الرؤساء تجاه الذكاء الاصطناعي والتغير المناخي.
من جهته، أفاد جوناثان لو هنري، الشريك في "Strategy& Maghreb" (الكيان الاستشاري الاستراتيجي لشركة "بي دبليو سي")، بأن "عددا من الشركات المغربية ترى أن الفصل الموالي من نموها سيتحقق خارج حدود المملكة".
ويرى أن الثقة في الآفاق الاقتصادية الدولية والرغبة في تسريع التوسع من خلال عمليات النمو الخارجية من الممكن أن تسمح بترجمة هذا الطموح على المدى القريب جدا.
وفيما يتعلق بالتحديات التي يواجهها الرؤساء التنفيذيين المغاربة، أوضحت آسيا بنحيدة، شريكة مكتب "بي دبليو سي" بالمغرب، والمسؤولة عن قضايا البيئة والمجتمع والحكامة "ESG" على مستوى المغرب العربي، أن رهانات التغير المناخي وإزالة الكربون تعتبر من بين التحديات الرئيسية للنسخة السابعة والعشرين من استطلاع الرؤساء التنفيذيين.
وأضافت أن "الشركات تنخرط بشكل متزايد في قضايا إزالة الكربون وتعبر عن معيقاتها، لا سيما انعدام المواكبة من حيث التطورات التنظيمية لإنجاح انتقالها الطاقي ودمج المعايير البيئية والمجتمعية والحكامة في الاستثمارات".
كما سجلت أن البيئة التنظيمية تحتل موقع الصدارة ضمن قائمة العوامل التي تمنع الرؤساء التنفيذيين، إلى حد كبير، من تحقيق تحول شركاتهم، وذلك بالنسبة لـ 36 في المائة من الرؤساء التنفيذيين المغاربة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الشركات المغربية تبدي نضجا اتجاه القضايا ذات الصلة بالبيئة، مع زيادة وعيها بدور المناخ في تحول الشركات، مما يضع هذا العنصر في المرتبة الخامسة على المنصة بنسبة 39 في المائة، مقابل 30 في المائة على المستوى العالمي.
ووفقا للمسؤولين المغاربة، فإن التغير التكنولوجي يعد الموجه الخارجي الأهم للتحول في السنوات الثلاث المقبلة، بحصة تبلغ 56 في المائة، وهي حصة مماثلة لنظرائهم العالميين.
ورغم أن تغير المناخ لا يزال يمثل خطرا كبيرا على 56 في المائة من المستطلعين، إلا أن عدد الإجراءات المتخذة لمعالجته يبدو أنه في تناقص مقارنة بالنسخ السابقة.
وعلى خلاف موقفهم الأكثر حذرا على مدى السنوات الخمس الماضية، عبر المسؤولون المغاربة في الوقت الراهن عن رغبتهم في تسريع استخدام التكنولوجيا كرافعة للتحول.
وبالتالي، فإن الابتكار التكنولوجي وإدماج الذكاء الاصطناعي، اللذين يتضح أنهما من بين الدعامات الأساسية لتحول الشركات المغربية، يبرزان بوضوح مقارنة بالنسخ السابقة بمعدل إقرار بلغ 22 في المائة.