تعصف أزمة غير مسبوقة بالإذاعة البريطانية BBC عقب استقالة اثنين من كبار قيادييها، في ظل موجة انتقادات واسعة حول الحياد والتحيز السياسي وتلاعب في تغطية الأحداث العالمية. جاء هذا الانهيار الإداري بعد كشف تحقيقات صحفية وحقوقية عن وجود تلاعب في تحرير كلمات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال أحداث الكونغرس، وهم ما اعتُبر محاولة متعمدة لإظهاره كمحرّض على العنف السياسي.
الجدل لم يقف عند الملف الأمريكي، بل طاول أيضاً المعالجة الإعلامية لقضايا حساسة كملف الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، حيث أشار تقرير تحليلي إلى عدم التوازن في ذكر انتهاكات حقوق الإنسان بين إسرائيل وحركة حماس، وسط اتهامات متكررة بأن القناة تروج لرؤى "المجتمع النخبوي" وتتبنى خطاباً يسارياً متعاطفاً مع قضايا معينة كالجندر والتحولات الجنسية.
بالإضافة إلى ذلك، تم تسليط الضوء على عدة أخطاء تحريرية وتغطيات وصفت بالمضللة أو غير المهنية، إلى جانب استحضار فضائح أخلاقية وإدارية سابقة في تاريخ المؤسسة. في هذا المناخ، خسر الـBBC جزءاً كبيراً من مصداقيته لدى شريحة واسعة من المتابعين في بريطانيا وخارجها، خصوصاً مع تزايد الاتهامات بانفصال المؤسسة عن هموم الرأي العام وتراجع جودة الخدمة الإخبارية رغم الانتشار العالمي الضخم للهيئة.
التحدي الأكبر الذي يواجهه الـBBC اليوم يكمن في القدرة على استعادة ثقة الجمهور وإثبات الحياد المهني في عالم إعلامي يتسم بالتنافس الحاد والانقسامات السياسية والمجتمعية الواضحة، فيما يبقى مصير المؤسسة على المحك وسط دعوات لإصلاح شامل ومنهج جديد لإدارة الأخبار.