أظهرت معطيات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) تبايناً واضحاً في عادات متابعة الأخبار لدى المغاربة: التلفزيون في الصدارة بنسبة 66%، يليه استخدام شبكات التواصل الاجتماعي بـ27%، فيما لا تتجاوز متابعة الأخبار عبر الصحافة الإلكترونية 4.7%، وتستقر الصحافة الورقية والإذاعات مجتمعة عند 1%.
المعطيات وردت على لسان لطيفة أخرباش، رئيسة الهاكا، خلال افتتاح لقاء بالرباط حول “محاربة الأخبار الزائفة: مقاربات ورؤى متقاطعة”. ونُقلت هذه الأرقام ضمن نتائج البحث الوطني حول مؤشرات تكنولوجيا المعلومات والاتصال لدى الأسر والأفراد.
بحسب أخرباش، تراجع اعتماد الجمهور على الصحافة كمصدر مفضل للوصول إلى الأخبار يفقد المتلقّي جزءاً من الضمانات التحريرية التي تميّز الممارسة المهنية: التحقق من الوقائع، ترتيب الأخبار بحسب الأهمية، ووضع المعطيات في سياقها. في المقابل، يحافظ التلفزيون الوطني والأجنبي على موقع مركزي لدى ثلثي الجمهور تقريباً، ما يعكس استمرار جاذبيته رغم تمدد المنظومات الرقمية.
وتحذّر الهاكا من أن تنامي الاعتماد على الشبكات الاجتماعية يواكبه اتساع نطاق الأخبار الزائفة، خصوصاً مع الاستخدام المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي في المجتمع وغرف الأخبار. وتلفت أخرباش إلى أن غياب أطر قانونية ملائمة وضعف الوعي بالمخاطر المرتبطة بهذه التقنيات يفاقمان التضليل ويقوضان الثقة في الخبر.
وترى الهاكا أن التسارع التكنولوجي في الذكاء الاصطناعي، مع تأخر الضبط القانوني وغياب مبادئ حوكمة عالمية ملزمة، يزيد هشاشة المنظومة الإعلامية ويجعل المجتمعات أكثر قابلية للتأثر بالاختلالات المعلوماتية. هذا الواقع يضع تحديات مباشرة أمام الصحافة المهنية في المغرب على مستوى التدقيق، والشفافية التحريرية، وبناء الثقة مع الجمهور.
على ضوء هذه المؤشرات، يبرز سؤال حكامة الفضاء الرقمي وجودة المحتوى الإخباري بوصفهما محورين أساسيين لأي سياسة عمومية تروم تعزيز الثقة ومقاومة التضليل، مع دعم قدرات التحرير على التحقق والشرح والسياق، وإذكاء الوعي الرقمي لدى الجمهور.