في 8 أبريل 2024، شهد العالم واحدًا من أروع الظواهر الفلكية في القرن الحادي والعشرين: كسوفًا كليًا للشمس، وهو السادس عشر منذ بداية القرن، حين اصطف القمر بدقة بين الشمس والأرض. وقد غَرِقت أجزاء من أميركا الشمالية والوسطى في الظلام لبضع دقائق وسط النهار، في مشهدٍ أبهر الملايين ممن تابعوه مباشرة.
وفي حين كانت الأنظار متجهة نحو السماء، كان علماء الأحياء مهتمين بسؤال آخر: كيف ستتفاعل الطيور البرية مع هذا الانقطاع المفاجئ في الضوء، وهو العامل الذي يضبط الكثير من سلوكياتها اليومية والموسمية؟ هذا ما ناقشته الباحثة ليز أغيلار وفريقها من جامعة إنديانا في بلومينغتون في دراسة نشرتها **مجلة “ساينس”** الأمريكية، التي تُعد من أبرز الدوريات العلمية في العالم.
تأسست مجلة “ساينس” عام 1880 في نيويورك على يد الصحفي جون مايكلز، بدعم من المخترعين توماس إديسون وألكسندر غراهام بيل، وهي تصدر أسبوعيًا عن **الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم (AAAS)**، أكبر منظمة علمية غير ربحية في الولايات المتحدة. تُعتبر المجلة اليوم من أكثر الدوريات العلمية تأثيرًا على مستوى العالم، إذ لا يُقبَل للنشر فيها سوى أقل من 7% من الأبحاث المقدمة، ويصل عدد قرائها إلى مئات الآلاف من العلماء والمهتمين بالمعرفة العلمية في مختلف القارات.
وقد نشرت المجلة تقريرًا أوضحت فيه أن فريق الباحثين، الذين تصدرت نتائجهم غلاف عددٍ خاص، ابتكروا تطبيقًا رقميًا مخصّصًا لتوثيق سلوك الطيور خلال فترة الكسوف. جمع التطبيق أكثر من 10 آلاف مدخلة من المستخدمين، فضلًا عن تسجيلات صوتية لطيور متعددة، وتبيّن أن **الإيقاع الحيوي لأكثر من نصف أنواع الطيور البرية اختلّ مؤقتًا**، وأن كثيرًا منها أصدر أصواتًا تماثل تغريد الفجر فور انتهاء الكسوف.
خلصت الدراسة إلى أن أربع دقائق من الظلام كانت كافية لإحداث اضطراب واضح في النشاط الحيوي لهذه الكائنات. فعلى سبيل المثال، ازداد نداء **البوم المخطط (Strix varia)** خلال ذلك اليوم، وكذلك طائر **الشحرور الأمريكي (Turdus migratorius)** المعروف بعادته في الغناء قبيل بزوغ الشمس.
تعكس هذه النتائج الدور المتنامي لمجلة “ساينس” في توثيق وتحليل الظواهر العلمية المعاصرة، إذ تواصل منذ أكثر من قرن الإسهام في نشر المعرفة الدقيقة ومواكبة التطورات في مختلف ميادين البحث العلمي.