يروي الكاتب زكرياء شكرالله، في مقاله بمجلة Telquel، كيف كان “مهندس البرومبت” يُعرف قبل فترة وجيزة بأنه الرجل الثوري الجديد في وظائف العصر الرقمي. كان هذا المتخصص يصوغ تعليمات دقيقة وذكية ومهيكلة لتوجيه الذكاء الاصطناعي، ويحدد إطار العمل والقيود والأمثلة والمنطق خطوة بخطوة، ليحصل على نتائج متقنة وموثوقة. كان يُعتقد أن إتقان لغة الآلة هو مفتاح المستقبل في زمن الذكاء الاصطناعي المولّد.
ومع ذلك، يشير المقال إلى أن المهمة لم تعد كما كانت. فالتطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي جعل النماذج اليوم أكثر سهولة وذكاء، وقادرة على استيعاب نوايا المستخدم، إعادة صياغة الطلبات، وحتى ملء الثغرات والافتراضات من تلقاء نفسها. لم يعد من الضروري أن يكون التعامل مع الذكاء الاصطناعي حكرًا على قلة من الخبراء، بل تزداد الحاجة لأن تكون هذه المهارات متاحة على نطاق واسع، وتتحول إلى معرفة تقنية أساسية مثل استخدام محرّكات البحث لكافة الصحفيين والمصممين والمسوقين والمطورين.
ويذكر شكرالله أننا مازلنا في مرحلة انتقالية: فعلى الرغم من قوة الذكاء الاصطناعي، فإنه ما زال بحاجة إلى هيكلة وتوجيه من الإنسان لضمان جودة النتائج وموائمتها للسياق المطلوب. لذا، يبقى فن التفاعل وصياغة الطلبات الفعّالة مع الآلة مهارة لا غنى عنها، لكن هذه المهارة لم تعد وظيفة بحد ذاتها بل أصبحت "معرفة رقمية" عابرة ومطلوبة في جميع المجالات. فالغد سيحمل معه جيلًا جديدًا من المهنيين ليسوا بالضرورة خبراء في البرمجة أو الذكاء الاصطناعي، بل أشخاصًا يتقنون التخاطب معه بشكل استراتيجي وطبيعي وفعال.


