في السادس عشر من ماي 1993، استضاف برنامج "7 على 7" الفرنسي الشهير على قناة TF1 الملك الحسن الثاني في حوار استثنائي. هذا اللقاء، الذي استغرق ساعة كاملة في البث المباشر، كان ثمرة جهود دبلوماسية قادها المستشار الملكي أندريه أزولاي، متحدياً تحفظات وزير الداخلية آنذاك إدريس البصري.
قبل بدء البث، دار حوار لافت بين سنكلير والبصري حول معتقل تازمامارت، عكس حساسية الموضوع وجرأة الصحفية. لكن الملك أصر على مواجهة كل الأسئلة بشفافية غير معهودة في ذلك الوقت. تناول الحوار قضايا جوهرية: من وضعية حقوق الإنسان في المغرب، إلى العلاقات مع فرنسا، والإصلاحات الاقتصادية، ودور الإسلام في المجتمع الحديث.
شهدت تلك الفترة تحولات عميقة في المغرب، حيث تم تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان عام 1990، تبعه إنشاء وزارة حقوق الإنسان في 1993. جاء هذا التحول بعد فترة عُرفت بـ"سنوات الرصاص"، وبعد نشر كتاب "صديقنا الملك" للكاتب جيل بيرو الذي أثار جدلاً واسعاً.
أظهر الملك في المقابلة مهارة دبلوماسية فائقة، متحدثاً بفرنسية أنيقة ومعالجاً المواضيع الحساسة بحنكة سياسية. تحدث عن رؤيته للتحديث والتنمية، مؤكداً على ضرورة التوازن بين التقاليد والتطور. كما ناقش بصراحة العلاقات المغربية-الفرنسية وتحديات التعاون الدولي.
حققت المقابلة نجاحاً كبيراً في فرنسا والمغرب، حيث أصبحت آن سينكلير، كما تقول، "مشهورة في الأسواق المغربية". عكس هذا الاهتمام الشعبي أهمية اللقاء في تعزيز صورة المغرب دولياً وفتح حوار جديد حول الإصلاحات السياسية والاجتماعية.
اليوم، بعد ثلاثة عقود، يبقى هذا الحوار التاريخي نموذجاً في الشفافية والدبلوماسية الإعلامية. القضايا التي نوقشت - من العدالة الاجتماعية إلى التنمية المستدامة والحكم الرشيد - لا تزال تشكل محور النقاش السياسي المعاصر في المغرب والعالم العربي.