قوة موجات الأثير: الإذاعة المغربية في عهد الحسن الثاني بين الاتصال والاستراتيجية السياسية

نشر بتاريخ 08/30/2025
منصة الخبر


بحسب تحليل موقع تل كيل، فقد شكلت الإذاعة في عهد الملك الحسن الثاني أداة رئيسية لنشر الرسائل الرسمية على نطاق واسع، حيث أتاحت الوصول إلى جميع فئات المجتمع، بما في ذلك المناطق الأكثر عزلة، في وقت كانت فيه التعددية الإعلامية شبه غائبة. كان هذا الاستخدام المدروس والمركّز للبث الإذاعي يعزز قدرة السلطة في صياغة الرأي العام، من خلال فرض سرد موحد وتأكيد شرعية الملكية بشكل متكرر واستراتيجي دون الحاجة لوسائط منافسة.

لم يكن اختيار الإذاعة ليكون ركيزة المشهد الإعلامي مجرد استجابة لحاجة تقنية أو لوجستية، بل جاء استجابة لإرادة سياسية تهدف إلى الحفاظ على وحدة الخطاب، وتنظيم الحوار العام، وتجسيد السلطة الملكية في الحياة اليومية للمغاربة. وفي مرحلة يغيب فيها بديل إعلامي حقيقي، فرضت الإذاعة المغربية نفسها بصوتها الواحد، فأثرت في تصورات الناس حول الأحداث وشكلت جانبًا من الوعي الجماعي.

تجسّد تجربة عصر الحسن الثاني بذلك كيف يمكن لوسيلة إعلام جماهيرية أن تتحول إلى أداة لبناء التماسك الوطني حول رؤية سياسية للدولة. عبر الاعتماد على الإذاعة، لم تعزز المؤسسة الملكية مجرد قنوات التواصل، بل أسهمت في ترسيخ الشعور بالوحدة حول شخصية الملك. ويظل هذا النموذج حتى اليوم مثالًا كلاسيكيًا عند دراسة العلاقة بين الإعلام، السلطة السياسية، وإنتاج الإجماع المجتمعي في التاريخ المغربي الحديث.