قررت إدارة ترامب تنفيذ تسريحات جماعية غير مسبوقة في وكالة صوت أمريكا ووكالتها الأم، حيث أبلغت أكثر من 500 موظف بإنهاء خدماتهم، في خطوة أثارت جدلاً قانونياً وإعلامياً واسعاً. جاء هذا القرار بعد يوم واحد فقط من صدور حكم قضائي يمنع الإدارة من إقالة مدير صوت أمريكا، مايكل أبراموفيتز، معتبرًا أن أي إنهاء لخدماته يتعارض مع القانون ما لم توافق عليه اللجنة الاستشارية للبث الدولي. وأكدت المديرة التنفيذية بالإنابة كاري ليك أن هذه الإجراءات تأتي ضمن إستراتيجية “لتقليص البيروقراطية الفيدرالية” وخفض الإنفاق الحكومي، مشيرة إلى مواصلة الوكالة أداء مهمتها برسالتها الأساسية رغم التسريحات.
تزامن قرار التسريح مع استمرار الشد والجذب في ساحات القضاء، إذ اتهم القاضي رويس لامبرث الإدارة الفيدرالية بعدم الالتزام الصارم بتعليماته السابقة لاستعادة عمليات صوت أمريكا، وهدد باتخاذ خطوات أشد في حال استمرار التجاهل القانوني للأوامر القضائية. وفرض على ليك المثول أمام المحامين للإدلاء بإفادتها قبل منتصف سبتمبر، معتبرًا أن سلوكها يقترب من حدود ازدراء المحكمة.
تندرج هذه الإجراءات ضمن موجة تقليص أوسع يشهدها الجهاز الحكومي الفيدرالي في عهد ترامب، حيث أعلنت مؤسسات اتحادية أخرى عن خطط لتقليص آلاف الوظائف، ما أثار مخاوف بشأن تأثير هذه السياسات على أداء الهيئات العامة وخاصة الإعلامية منها. وكانت صوت أمريكا تاريخياً تبث بأكثر من 40 لغة وتصل إلى مئات الملايين حول العالم، لكنها باتت اليوم تقتصر على عدد محدود من اللغات في ظل التغييرات الأخيرة. ويرى مراقبون وصحفيون أن هذه التحولات تشكل نهاية مرحلة أساسية في مسار الإعلام الأمريكي الممول حكومياً، وتضع تساؤلات حول مستقبل إعلام الخارج الأمريكي كأداة للدبلوماسية الناعمة ونشر القيم الديمقراطية في بيئة دولية تشهد صعود الأنظمة السلطوية والتضييق على حرية الصحافة.