حسابات بلا بشر: كيف تصنع مزارع الروبوتات وهم الدعم لحماس على شبكات التواصل؟

نشر بتاريخ 09/22/2025
منصة الخبر

مؤخراً أصبح من السهل ملاحظة أن العديد من الحسابات على منصات التواصل الاجتماعي الموالية لحركة حماس تكرر نفس العبارات والجمل بشكل متطابق، وكأنها نسخة واحدة موزعة على عشرات أو مئات الحسابات. هذه الظاهرة ليست عفوية، بل ترتبط بواحدة من أكثر ممارسات الدعاية الرقمية شيوعاً في السنوات الأخيرة، وتعرف باسم مزارع الروبوتات.  

الفكرة تقوم على تشغيل عدد كبير من الحسابات الوهمية التي تبدو وكأنها حقيقية، لكنها في الواقع لا تمثل أشخاصاً حقيقيين. يتم إنشاء هذه الحسابات عبر أنظمة يعتمد بعضها على استخدام هواتف وأرقام حقيقية، ما يجعل اكتشافها أصعب بالنسبة للشبكات الاجتماعية. ورغم أن هذه الهواتف موجودة فعلاً، إلا أنها لا تُدار من قبل مستخدمين طبيعيين، بل من قبل مشغلين يتحكمون بمئات الأجهزة لتعزيز رسائل موحدة.  

في حالة الحسابات الموالية لحماس، يتضح أن الهدف الأساسي من تكرار العبارات هو خلق شعور زائف بأن هناك إجماعاً واسعاً أو رأياً عاماً قوياً يروج لخطاب محدد. فالمتابع العادي عندما يرى نفس الجملة تتكرر في عشرات التغريدات أو التعليقات، قد يظن أن هذا الموقف له قوة دفع شعبية، في حين أنه نتاج آلي مصطنع.  

منظمو هذه الحملات يستفيدون من ثغرات خوارزميات المنصات، حيث ينجح التكرار والانتشار السريع في رفع مستوى ظهور المحتوى، وبالتالي توسيع دائرة وصوله حتى يتجاوز إطار الحسابات الوهمية إلى المستخدمين الحقيقيين. هنا يصبح تأثير الحملات مركباً، لأنها لا تخاطب فقط روبوتات أخرى أو جمهوراً محدوداً، بل تبدأ بالتأثير على المتابعين العاديين بالكم الهائل من الرسائل المكررة.  

ورغم أن شركات التكنولوجيا تحاول باستمرار تطوير أدوات لاكتشاف الأنماط غير الطبيعية وإغلاق الحسابات المشبوهة، فإن منظمي المزارع الرقمية يبتكرون طرقاً جديدة للالتفاف، مثل إدخال تفاصيل شخصية مصطنعة أو محاكاة سلوك مستخدمين عاديين. بمرور الوقت، تتطور لعبة القط والفأر هذه لتصبح جزءاً من معركة المعلومات في النزاعات السياسية والعرقية والدينية.  

وهكذا يتضح أن وراء تلك الحسابات التي تبدو وكأنها تمثل أصواتاً متعددة مؤيدة لحماس، توجد تقنيات منظمة لإنتاج الزخم الرقمي. إنها حسابات بلا بشر، لكنها قادرة على صياغة صورة افتراضية عن رأي عام غير موجود في الواقع.