عصيد: اندثار الإعلام الأمازيغي المكتوب وتجاهل القنوات الخاصة لالتزاماتها اللغوية

أضيف بتاريخ 05/31/2025
|

دق الكاتب والمفكر المغربي، أحمد عصيد، ناقوس الخطر بشأن الوضعية "الهشة" التي ما زال يعيشها الإعلام الأمازيغي في المغرب، مؤكداً أن هذا القطاع يعاني من تحديات جمة تحول دون تطوره واضطلاعه بدوره كاملاً، وذلك رغم الترسانة القانونية التي تدعم النهوض به.

وفي تحليله للمشهد، أشار عصيد إلى الاندثار شبه الكامل للإعلام المكتوب باللغة الأمازيغية، حيث لم يتبق منه سوى منبر "العالم الأمازيغي"، الذي يعمل بمنطق المقاولة الخاصة. وأوضح أن هذا التراجع شمل أيضاً "الصحافة الجمعوية" التي كانت تشكل نواة الإعلام الأمازيغي في بداياته، والتي تلاشت بسبب نقص الإمكانيات المادية، بالإضافة إلى توقف المبادرات الإعلامية الفردية كمشاريع "تويزة" لمحمد بودان و"تماجيت" لمبارك بوليد وغيرها.

أما في قطاع السمعي البصري، فقد أبرز عصيد "مشكلاً حقيقياً" يتمثل في عدم التزام معظم القنوات التلفزية والإذاعية الخاصة بدفاتر التحملات الخاصة بها، والتي تفرض عليها تخصيص نسبة معينة من البث للغة الأمازيغية. واستثنى من ذلك القناة الثامنة "تمازيغت"، التي اعتبرها الوحيدة الملتزمة بتعهداتها. وأضاف أن هذا الإخلال بالالتزامات يتم "مع العلم أن قانون الهاكا (الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري) يفرض على كل المنابر الإعلامية احترام التنوع الثقافي واللغوي للبلد، لكن للأسف لا يُحترم ولا تُحاسب هذه المنابر".

وفيما يتعلق بالعاملين في مجال الإعلام الأمازيغي، أقر عصيد بحدوث بعض التقدم في الاعتراف بحقوقهم واستفادتهم من التكوينات، إلا أنه شدد على استمرار "تهميشهم"، خاصة فيما يتعلق باللقاءات والمؤتمرات الكبرى، حيث غالباً ما يتم تجاهلهم لصالح الصحافة الناطقة بالعربية والفرنسية، وهو ما اعتبره "شيئاً غير معقول".

وحمّل عصيد المسؤولية الكبرى للدولة، مشيراً إلى أن القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، الصادر في فاتح أكتوبر 2019، ينص بوضوح في مادتيه 12 و13 على ضرورة رفع جميع القنوات الإذاعية والتلفزية لنسبة البث باللغة الأمازيغية. وأكد أن "هذه المواد ما زال لم يتم تفعيلها إلى الآن".

ويرى المفكر المغربي أن هذا "التقاعس" في تفعيل القرارات والالتزامات هو السبب الرئيسي في بقاء عطاء الإعلام الأمازيغي "متواضعاً" من الناحية الكمية، مما يعيق تطوره الكيفي. وشدد على أنه "لما يكون الكم منخفضاً، لا يمكن أن يكون هناك تطور نوعي".

ودعا عصيد إلى ضرورة التزام جميع القنوات بتعهداتها لضمان "إنتاج كثير وغزير" باللغة الأمازيغية، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في ظهور جيل جديد من الإعلاميين المكونين في المعاهد المتخصصة، وإنتاج أعمال ذات جودة عالية في مختلف الأجناس الصحفية كالربورتاجات، والأفلام الوثائقية، والأخبار، والبرامج الثقافية والحوارية، وهي الإنتاجات التي تتركز حالياً بشكل كبير في قناة "تمازيغت" وتكاد تكون منعدمة في القنوات الأخرى.

وختم عصيد بالتأكيد على أن تفعيل الالتزامات القانونية هو السبيل الوحيد لتمكين الإعلام الأمازيغي من تجاوز وضعيته الهشة، والمساهمة بفعالية في المشهد الإعلامي الوطني، وتجسيد الطابع الرسمي للأمازيغية على أرض الواقع في قطاع حيوي كالإعلام.

ياسين أخياط، ممثلًا عن مؤسسة ابراهيم أخياط للتنوع الثقافي، سلط الضوء على التحديات الجسيمة التي تواجه هذا القطاع الحيوي. وأكد أخياط على "تراجع المستويين على المستوى السمعي البصري وكذلك على مستوى التلقي"، مشيراً إلى أن هذا الانحدار يمس كلاً من الكم والكيف في المنتوجات المقدمة.

وشدد أخياط على الحاجة الماسة إلى "سياسات عمومية فعالة وتقييمها" لمعالجة هذه الإشكالية، سواء على مستوى القطاع السمعي البصري العمومي أو الخاص. ودعا إلى "النهوض بالاستثمار في مجال السمعي البصري الخاص"، من خلال دعم إنشاء إذاعات وقنوات تلفزيونية خاصة ناطقة بالأمازيغية، بالإضافة إلى تشجيع شركات الإنتاج المتخصصة. وأوضح أن "الفضاء المسموح به حالياً لهذه المنتوجات ضئيل جداً"، مما يخلق إشكالية حقيقية في تنمية الإنتاج كماً، ويؤثر لاحقاً على جودته وقيمته، ليصبح الإشكال "مركباً على المستوى الكامل".

وفيما يتعلق بالحلول، أكد أخياط أن "التفكير مهم، ولكن الفعل يكون أفضل"، معتبراً أن القضية محسومة بالنسبة للعارفين بخباياها، لكن الإشكال يكمن في "غير الفاهمين وغير العارفين بالموضوع".

وأبرز المتحدث أهمية "النهوض بالإعلام الجهوي للقرب" كأولوية، لما له من "أهمية كبيرة بالنسبة للمواطنين"، كونه يتناول "الفعل اليومي والحاضر اليومي للمواطنين".

وفيما يخص الجانب اللغوي، ميز أخياط بين مستويين: اللغة الأمازيغية المعيارية الموحدة، التي وصفها بـ"لغة راقية للتعامل بها على المستوى الإعلامي"، وبين التنوعات اللسانية الأمازيغية. وأكد أن هذا التنوع يمثل "غنى مهماً لا يجب أن نضيعه"، مشيراً إلى "مجموعة من التنوعات (les variantes) التي لا يجب التفريط فيها". واعتبر أن هذا المكتسب هو نتاج عمل الفاعلين في الحقل الأمازيغي، وخصوصاً المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

وختم أخياط بالتأكيد على أن "الاختلاف هو حق، وهو غنى على مستوى المصطلحات وعلى مستوى التاريخ"، داعياً إلى تبني رؤية شاملة تقدر هذا التنوع وتعمل على استثماره لخدمة الثقافة والهوية المغربية.












“فبراير.كم” إنه صوت الجميع. إنه عنوان الحقيقة كما هي بدون رتوش. الرأي والرأي الآخر.
تابعونا على:
Official Website | https://febrayer.com
Facebook | https://facebook.com/Febrayer
instagram: https://instagram.com/febrayer
#بارطاجي_الحقيقة