في قلب الصراع الدائر في مالي، لا تقتصر المواجهة بين الجيش المالي وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين على ساحات القتال فقط، بل تمتد إلى ساحة الإعلام، حيث يخوض الطرفان حربًا شرسة للسيطرة على الرواية وتوجيه الرأي العام. كل طرف يسعى لفرض وجهة نظره وإقناع السكان المحليين والمجتمع الدولي بعدالة قضيته وقوة موقفه.
تعتمد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين على قنواتها الإعلامية لنشر بيانات مصورة وكتابية حول هجماتها، وتحرص على تضخيم خسائر الجيش المالي وتوثيق عملياتها بالصوت والصورة. تهدف الجماعة من خلال ذلك إلى بث الرعب في صفوف خصومها، وجذب أنصار جدد، وإظهار نفسها كقوة لا يُستهان بها في المنطقة.
من جانب آخر، يستخدم الجيش المالي وسائل الإعلام الرسمية لنشر بيانات حول العمليات العسكرية، وغالبًا ما يقلل من حجم الخسائر أو يتجنب ذكرها بشكل دقيق، في محاولة لطمأنة الرأي العام المحلي ورفع معنويات الجنود. كما يسعى الجيش إلى التأكيد على سيطرته على الأرض وقدرته على التصدي للهجمات الإرهابية.
تتجلى معالم هذه الحرب الإعلامية في التناقض الواضح بين روايات الطرفين حول نتائج المعارك، حيث يعلن كل طرف أرقامًا متباينة عن الخسائر البشرية والمادية. هذا التضارب يخلق حالة من الشك لدى السكان، ويصعّب على الصحفيين والمنظمات المستقلة التحقق من الحقائق على الأرض، خاصة في ظل القيود المفروضة على حرية الإعلام والوصول إلى المعلومات في مناطق النزاع.
في ظل هذه الظروف، تصبح المعركة الإعلامية جزءًا لا يتجزأ من الصراع في مالي، إذ تساهم في تشكيل الوعي الجماعي وتحديد اتجاهات الرأي العام، وقد يكون لها تأثير مباشر على مجريات الأحداث ومستقبل الاستقرار في البلاد. فكلما اشتدت الحرب على الميدان، ازدادت أهمية السيطرة على الرواية، وأصبح الإعلام سلاحًا لا يقل فتكًا عن الأسلحة التقليدية.