بين طموح طلاب يريدون أن يصبحوا صحفيين وواقع زملاء لا يرون في الإعلام إلا ضجيجًا مشوشًا، تتكشف فجوة ثقة متزايدة بين الشباب ووسائل الأخبار. كثيرون يعتبرون الصحفيين متحيزين، يرتكبون الأخطاء، ويعملون في صناعة “تموت” ببطء، كما توحي تقارير عن إغلاق الصحف وتراجع الإيرادات. صناعة تحتضر
نتائج دراسة حديثة لـ مشروع محو الأمية الإخبارية News Literacy Project تكشف أن 84% من المراهقين يصفون الإعلام بكلمات سلبية مثل “منحاز”، “ممل”، “مزيف”، و“مربك” الدراسة. نحو نصفهم يعتقد أن الصحفيين يمنحون المعلنين معاملة خاصة أو يلفّقون تفاصيل، و6 من كل 10 يرون أن الصور تُؤخذ خارج سياقها بانتظام. في المقابل، أقل من الثلث يثق بأن الصحفيين يصححون أخطاءهم، ويتحققون من الحقائق مع مصادر متعددة، ويقدمون تغطيات تخدم المصلحة العامة.
هذا الانطباع لا ينشأ في الفراغ. الخطاب العام الذي رسّخ شعار “الأخبار الكاذبة” في سنوات الاستقطاب الأخيرة ساعد على تعميق الشك شعار “الأخبار الكاذبة”. كما أن أخطاء الصحفيين وانزلاقاتهم الأخلاقية عندما تتصدر العناوين تُغذي التصوّر بأن الرأي حلّ محلّ الخبر، وأن الحياد أصبح نادرًا انزلاقات أخلاقية.
جزء من المشكلة يتعلق بالعادات: كثير من المراهقين لا يتابعون الأخبار بانتظام، ويتلقّون معلوماتهم عبر الشبكات الاجتماعية، من دون تدريب مدرسي على فهم وظيفة الصحافة أو التمييز بين المحتوى المهني والآراء. حتى في الجامعات المرموقة، يسيء بعض الطلاب فهم دور الصحافة؛ تحقيقات طلابية في صحيفة Daily Northwestern أسهمت في الإطاحة بمدرب كرة القدم على خلفية مزاعم تنمر وعنصرية، ومع ذلك ظنّ بعضهم أن الصحيفة وُجدت لحماية أصحاب النفوذ لا لمساءلتهم الإطاحة بمدرب نورثويسترن.
الثقافة الشعبية لا تساعد كثيرًا. على عكس جيل عَرَف الصحافة عبر أعمال مثل “كل رجال الرئيس” التي وثّقت كشف فضيحة ووترغيت ووترغيت، أغلب المراهقين اليوم لا يستطيعون تسمية أعمال تُظهر الصحافة المهنية، وغالبًا ما تحضر لديهم صور كاريكاتورية غير مُشجِّعة.
الحلول موجودة لكنها تتطلب عملاً مثابرًا. برامج محو الأمية الإخبارية في المدارس، مثل المركز الذي يديره Howard Schneider في جامعة ستوني بروك، تُظهر أن التعرض المنتظم لصحافة مهنية يُحسّن المواقف من الإعلام، ويعلّم الطلاب أن “يوتيوب” ليس مصدرًا للأخبار بحد ذاته، وأن عليهم تتبّع الأصل وفحص السياق مركز محو الأمية الإخبارية. عندما يتعلم الطلاب التحقق من المصادر والبحث عن منافذ موثوقة، تتبدل نظرتهم لما يقوم به الصحفيون من تدقيق ومساءلة.
لكن الصناعة نفسها مطالبة بالتكيف. مقاومة التغيير وضعف الاستثمار في السرد الرقمي والاجتماعي يجعل الصحافة بعيدة عما يجذب الشباب اليوم. المطلوب الذهاب إلى حيث يوجد الجمهور، وتقديم أخبار موثوقة بأساليب تُلائم منصاتهم وعاداتهم، من دون التضحية بالتحقق، التوازن، والشفافية. عند هذه النقطة يلتقي هدفان: استعادة الثقة، وإعادة بناء عادة متابعة الأخبار لدى جيل نشأ في بحر من المحتوى، لكنه ما زال يحتاج إلى بوصلة مهنية تشير إلى الحقيقة.


