يتحوّل سلوك استهلاك الأخبار في الولايات المتحدة بسرعة، والشباب بين 18 و29 عامًا يقودون هذا التحوّل: يتابعون الأخبار بوتيرة أقل من كبار السن، يحصلون عليها غالبًا بشكل عابر أثناء استخدام المنصات الاجتماعية، ويعتمدون على الأجهزة الرقمية أكثر من أي منصة تقليدية.
المعطيات الأساسية واضحة: في عام 2025، قال 15% فقط من الشباب إنهم يتابعون الأخبار طوال الوقت أو معظم الوقت، مقابل 62% لدى من هم في سن 65 عامًا فأكثر. الفجوة تمتد إلى المستويات المحلية والوطنية؛ الشريحة الأصغر أقل احتمالًا لمتابعة أخبار الوطن والمدن عن كثب مقارنة بجميع الفئات الأكبر سنًا.
النية عنصر فارق. 22% من الشباب يسعون عمدًا إلى الأخبار غالبًا أو كثيرًا جدًا، لكن الأغلبية تلتقي بها مصادفة: 70% يقولون إن الأخبار السياسية تصلهم لأنهم يصادفونها أثناء التصفح، مقابل 30% يبحثون عنها بشكل مباشر. المنصات الاجتماعية هي مسرح هذا التعرض العارض، إذ يتقاطع فيها الترفيه والمحادثة مع التحديثات الإخبارية.
من حيث القنوات، تنخفض مكانة التلفزيون والراديو والطباعة لدى من هم دون الثلاثين، بينما ترتفع الأجهزة الرقمية إلى القمة: 93% منهم يحصلون على الأخبار عليها “أحيانًا” على الأقل. وعلى هذه الأجهزة، يبرز الاعتماد على الشبكات الاجتماعية تحديدًا؛ نسبة من يتلقون الأخبار عبرها لدى الشباب أعلى بفارق كبير عن الفئات الأكبر، مع حضور لافت لـإنستغرام وتيك توك، إلى جانب يوتيوب وفيسبوك.
يتّسع أيضًا دور “المؤثرين الإخباريين” لدى هذه الفئة. نحو 38% من الشباب يحصلون بانتظام على الأخبار من أفراد ذوي جماهير كبيرة ينشرون محتوى سياسيًا أو اجتماعيًا، مقارنة بـ23% في الفئة 30‑49 عامًا، وتتراجع النسبة مع التقدم في العمر. هذا الاعتماد يُبنى غالبًا على الثقة بالشخص أكثر من علامة المؤسسة.
وعلى الرغم من انتشار الفيديو في الشبكات الاجتماعية، يميل الشباب أكثر من الأكبر سنًا إلى تفضيل القراءة أو الاستماع بدلًا من المشاهدة، وهو ما يعكس انتقالهم من التلفزيون إلى تجربة رقمية متعددة الأشكال تشمل المقالات، الرسائل البريدية، والبودكاست.
الثقة نقطة حساسة. نصف الشباب تقريبًا يقولون إن لديهم قدرًا كبيرًا أو بعض الثقة في المعلومات الآتية من مواقع التواصل الاجتماعي، وهي نسبة أعلى من أي فئة عمرية أخرى، وتكاد تعادل ثقتهم بالمؤسسات الإخبارية الوطنية. في الوقت نفسه، تقل ثقتهم بالمصادر المؤسسية المحلية والوطنية مقارنة بكبار السن، ما يدفع الكثيرين منهم لمقاطعة القصص بين مصادر متعددة للوصول إلى الصورة الكاملة.
يتّسع أيضًا تعريف “الصحفي” لدى الشباب؛ فهو لا يقتصر على كُتّاب المواقع والصحف أو مقدمي البرامج، بل قد يشمل كُتّاب النشرات البريدية ومنشئي الفيديوهات والمحتوى الإخباري على الشبكات. وبالتوازي، ترتفع نسبة القبول لديهم بقيام الصحفيين بالدعوة لقضايا مجتمعاتهم أو التعبير عن آرائهم السياسية والدينية على المنصات الاجتماعية مقارنةً بكبار السن.
هذه الاختلافات ترسم ملامح المرحلة المقبلة في الإعلام الأميركي: جمهور شاب أقل تعلقًا بالمؤسسات، أكثر حضورًا على الشبكات، يتعرض للأخبار مصادفة بقدر كبير، ويقيس الثقة بمزيج من القرب الشخصي والشفافية. بالنسبة للناشرين، يعني ذلك مواجهة الواقع حيث يوجد الجمهور فعليًا، على المنصات الاجتماعية والبودكاست والرسائل البريدية، مع بناء الثقة بأساليب تتجاوز العلامة التجارية إلى الأشخاص والسرد الواضح القابل للتحقق.


