لماذا يختار الناس عدم مشاركة الأخبار؟

نشر بتاريخ 12/08/2025
عبر Nieman Journalism Lab

في عصر الشبكات الاجتماعية، تُقاس قوة الخبر بقدرته على الانتشار عبر العلاقات الرقمية. لكن ما لا نراه أهم أحيانًا مما نراه: كثير من الأخبار تُقرأ بصمت ولا تُنشر أو تُعاد مشاركتها. كما كتب هنري جنكنز: «إذا لم ينتشر، يموت» — عبارة تلخص منطق المنصات، لكنها تغفل قرارًا ذكيًا وشائعًا لدى المستخدمين: حجب الأخبار عمدًا لأسباب تتعلق بالهوية الرقمية، والسياق الاجتماعي، وإدارة الصورة الذاتية. انطلاقًا من هذا، تصبح «مشاركة الأخبار» و«حجب الأخبار» سلوكَين توأمين يصنعان معًا ما يظهر وما يُحجب في الفضاء العام. .



دراسة جديدة في مجلة Social Media + Society — من إعداد جنيفر إهم وإيون-مي كيم — تفحص «منطق الحجب» لدى مستخدمي كاكاوتوك في كوريا، عبر مسح لأكثر من 400 مستخدم وتحليل نصي لما امتنعوا عن مشاركته في ثلاثة غرف دردشة هي الأكثر نشاطًا لديهم.

النتيجة المركزية: قرار المشاركة ليس ثنائيًا. المستخدمون يوازنُون بين أهداف تقديم الذات (الهوية، الخصوصية، إرضاء الجمهور) وبين طبيعة المحتوى (أخبار صلبة/ناعمة، السياسة والاقتصاد والمجتمع ونمط الحياة والعالم والعلوم/التقنية)، وشحنة العاطفة (سعادة، خوف، حزن)، ودرجة الجدال والحِجاج في الخبر. كما يؤطرون كل ذلك بسياق الشبكة: حجم الغرفة وقوة الروابط بين الأعضاء.

في الشبكات الصغيرة ذات الروابط القوية، تظهر حساسية أعلى لإرضاء الجمهور والحفاظ على العلاقات؛ ما يدفع إلى حجب الأخبار الجدلية أو المُحمّلة بعاطفة تُربك التوازن. في الشبكات الكبيرة التي تشبه المجال العام، يستحيل إرضاء الجميع، فيقل وزن «إرضاء الجمهور» ويزداد الحذر من الأخبار عالية الجِدال خوفًا من التصعيد. قوة الرابط تُعيد ضبط المعادلة: الروابط الأضعف ترفع كلفة كشف معلومات شخصية أو مواقف هووية؛ الروابط الأقوى تدفع إلى مزيد من التروي قبل النشر. الخلاصة العملية: الحجب قرار مقصود يُعيد تشكيل بوابات التوزيع، حيث يصبح المستخدم «حارس بوابة» يقرر ما يَظهر وما يبقى خاصًا — بما يتسق مع أبحاث سابقة حول حراسة البوابة في الشبكات الاجتماعية. مرجع سابق.

وفي سياق أوسع من الأبحاث الحديثة ذات الصلة، تكشف دراسة «معهد رويترز» حول اعتماد الذكاء الاصطناعي لدى الصحفيين في المملكة المتحدة أن 56% منهم يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي أسبوعيًا — غالبًا في التفريغ والترجمة والشرح — وسط تكامل مؤسسي محدود ومواقف مهنية متحفظة تجاه أثر الذكاء الاصطناعي على الثقة والدقة والأصالة.

كما تُظهر تجربة مسحية في مجلة «Journalism Studies» أن الصحفيين، رغم تشككهم المُعلن، يرجّحون إنزال القصص ضعيفة الأداء من الصفحة الرئيسية، مع أولوية واضحة للموضوع على الرقم؛ إذ تبقى السياسة والثقافة أكثر حصانة من «الخدمات» والموضوعات الخفيفة. .

وتوثّق دراسة فلمنكية في «Journalism Practice» انتشار التحرش ضد الصحفيين السياسيين عبر الإنترنت وخارجه، مع دور تحريضي لخطاب بعض السياسيين؛ التأثير الأوضح يظهر في انسحاب الصحفيين من التفاعل الاجتماعي وتوتر مستدام، بما يشير إلى رقابة جماهيرية «من أسفل إلى أعلى».

وأخيرًا، يربط تحليل مقارن في «The International Journal of Press/Politics» كثافة التغطية الإعلامية للحملات السلبية بانخفاض الثقة بنتائج الانتخابات، مع قدرة الهيئات المستقلة لإدارة الانتخابات على كبح الأثر؛ كما يرتبط الاستهلاك الإعلامي المكثف غالبًا بثقة أقل، بينما يرفع الفوز الثقة بشكل متوقع.

بالنسبة لغرف الأخبار، تتبدى ثلاث دلالات واضحة. أولًا: «الجمهور» ليس كتلة واحدة؛ يتباين حسب الشبكة والنُظم الاجتماعية فيها. ما يتجاوب في شبكة ضيقة قد يُحجب في أخرى أوسع. ثانيًا: مقاييس التفاعل (إعجابات، مشاركات، تعليقات) لا تلتقط القراءة الصامتة؛ لذا يلزم إكمالها بأدوات قياس نوعية (استطلاعات، مقابلات، لوحات قرّاء) لفهم التأثير الفعلي. ثالثًا: الأسلوب واللغة وتوازن العاطفة والحِجاج عناصر مؤثرة في قرار المشاركة أو الحجب؛ ضبط «نبرة» الخبر قد يحوّل مصيره من صمت إلى تضخيم.

ما الذي يعنيه هذا لكتّاب الأخبار وصُنّاعها؟ تصميم القصص يجب أن يراعي ديناميات «التقديم الذاتي» لدى الجمهور: خفّف الجِدال حين يتوجه الخبر لشبكات كبيرة، واضبط العاطفة لتقليل كلفة المشاركة، وقدّم سياقًا يُسهّل النقل دون المساس بالخصوصية. والأهم: اعترف بأن كثيرًا من التأثير يحدث خلف الكواليس، في القراءة الصامتة داخل غرف دردشة صغيرة بروابط قوية؛ هناك، تُصنع سمعة المحتوى وتُبنى الثقة على المدى الطويل.