الفرق بين الصحفي وكاتب محتوى الويب

نشر بتاريخ 12/08/2025
منصة الخبر


إذا كنت تحب الكتابة وتفكر بين العمل كـ صحفي أو كاتب محتوى ويب، فالأمران يبدوان متشابهين من بعيد لكنهما يخدمان أهدافًا مختلفة. كلاهما يعتمد على الدقة والوضوح، لكن الأول يركز على جمع المعلومات والتحقق منها ونشرها للجمهور، والثاني ينتج محتوى رقميًا موجّهًا لتحقيق أهداف مرئية وقابلة للقياس مثل الزيارات والتحويلات وتعزيز العلامة.

عمل الصحفي يقوم على رصد الوقائع وفهمها ثم نقلها للجمهور بعد التحقق والتقاطع مع مصادر متعددة. قد يغطي مجلسًا محليًا أو قصة دولية، يعمل ضمن غرف أخبار أو منصات رقمية، ويطوّر مع الوقت تخصصًا محددًا مثل السياسة أو الاقتصاد أو الرياضة أو الثقافة. في المقابل، يكتب كاتب المحتوى للويب أدلة ومنشورات وصفحات منتجات ونشرات بريدية ومحتوى مؤسسي، مع مراعاة ملاءمة النص لمحركات البحث والقراء على السواء. يعتمد على منهجية SEO من اختيار الكلمات المفتاحية وبناء العناوين والعناصر الدلالية وتحليل الأداء عبر أدوات مثل Google Analytics، مع ضبط النبرة بما يناسب الجمهور والسياق.

الوتيرة مختلفة أيضًا. الصحفي يعمل تحت ضغط إيقاع الأخبار ومتطلبات النشر السريع ودقة عالية في لحظات متغيرة. كاتب المحتوى يعمل غالبًا وفق خطة تحريرية أكثر استقرارًا، لكن مع مؤشرات أداء واضحة ومواعيد تسليم يومية أو أسبوعية. كلاهما يستخدم نظم إدارة المحتوى وأدوات قياس الأداء، ويتطلب كفاءة لغوية رشيقة وقدرة على التعلم السريع.

الأخلاقيات محور أساسي في الصحافة: التحقق الصارم، النسبة العادلة، تفسير المعطيات بوضوح، والابتعاد عن التضليل. يحتاج الصحفي إلى ثقافة عامة واسعة وفضول مستمر ومهارة في الصياغة عبر أشكال مختلفة من التقرير إلى البورتريه. توجد أيضًا صيغة «العمل بالقطعة» المعروفة بـ الـ«بيجيست» حيث يتقاضى الصحفي أجرًا وفق الموضوعات المنجزة مع بقاء صفته أجيرًا لدى المؤسسة.

في المقابل، يتقاطع كاتب المحتوى مع تلك المهارات اللغوية والتحريرية، ويضيف إليها إتقان مبادئ السيو SEO، من بنية الصفحة إلى نوايا البحث وربط المحتوى داخليًا وخارجيًا، وقياس النتائج لتطوير ما يُنشر. الإبداع هنا محكوم بإستراتيجية رقمية واضحة: تحقيق الظهور العضوي، دعم حملات الأداء، بناء الثقة، والتماسك مع هوية العلامة.

المسارات الدراسية تعكس هذا الاختلاف. الوصول إلى مهنة الصحافة يمر عادة عبر مدارس معروفة مثل CFJ وESJ وCELSA أو عبر مسارات جامعية متخصصة في الإعلام والاتصال مع تدريبات عملية مكثفة. أما محتوى الويب، فيمكن أن يبدأ من إجازات مهنية في مجالات الإعلام والاتصال والرقميات أو من تكوينات تحرير رقمي، مع تكملة مهارات السيو عبر دورات متخصصة. كثيرون يجمعون بين الأساسين: تحرير صحفي متين وتطبيقات سيو عملية.

من حيث الدخل، تختلف الرواتب بحسب جهة العمل والخبرة والوضعية المهنية. تقدّم منصات متخصصة مثل HelloWork مؤشرات تقريبية لرواتب الصحفيين، كما تعرض تقديرات لرواتب كتّاب المحتوى للويب في الشركات. تتباين الفوارق مع الخبرة ونوع الوسيلة أو القطاع، وتؤثر الوضعيات كالعقد الدائم أو العمل الحر، فضلًا عن الاتفاقات المهنية مثل ما ينشره النقابة الوطنية للصحفيين SNJ. في العمل الحر، يُحتسب الأجر اليومي وفق التخصص والمحفظة والعملاء، ويرتفع مع الخبرة والثقة في جودة المخرجات.

آفاق التطور متمايزة. داخل الصحافة، يمكن التقدم نحو الإشراف على الأقسام أو إدارة التحرير وتحديد الخط التحريري، أو التخصص العميق في مجالات دقيقة، أو الانضمام إلى مبادرات مستقلة. في تحرير الويب، تتسع الخيارات نحو إدارة المحتوى والاستراتيجية التحريرية وقيادة فرق الكتابة أو التحول إلى استشارات SEO، عبر قطاعات متعددة من التجارة الإلكترونية إلى التقنية والمالية.

الخلاصة العملية للاختيار: إن كنت تميل إلى متابعة الشأن العام، وتحمل حسًا نقديًا صارمًا، وتحتمل ضغط الإيقاع اليومي مع التزام مهني واضح، فالصحافة قد تكون مسارك. وإن كنت تفضّل بناء محتوى رقمي يؤدي وظيفة محددة، وتستمتع بمواءمة النص مع بيانات السلوك والبحث، وتحب بيئة مرنة تقبل العمل الحر، فالتحرير للويب خيار مناسب. كلا الطريقين يحتاجان إلى كتابة دقيقة، وفضول، وقابلية تعلم مستمرة—ومع تنامي دور الذكاء الاصطناعي في البحث والاستهلاك، ستزداد قيمة من يجمع بين الفهم التحريري والأدوات الرقمية.